الثلاثاء، 9 أبريل 2013

الصحافة الالكترونية


الصحافـــــــــــــــــــة الالكترونيـــــــــــــــــــــــة

هذا البحث محاولة لبيان واقع المتغيرات الجوهرية التي تعيشها الصحافة في ظل التطور الهائل والمتسارع لنظم الاتصال والمعلوماتية ، وسعيها لمواكبة هذا التطور وما اوجده من تحديات جدية لموقع الكلمة المطبوعة بين وسائل الاعلام المختلفة ، وفي المقدمة من ذلك قيام الصحافة باستخدام شاشات الحاسوب ومن خلال شبكة الانترنيت لنشر مضامينها فيما عرف بأسم الصحافة الالكترونية التي تتسع اليوم كظاهرة دولية موازية للصحف التقليدية المطبوعة .
ويعد تطور الانترنيت ودخول الصحافة اليه وتطورها من استقبال الاخبار عبر الحاسوب في بداية التسعينات حيث كان لا يتعدى عدد الاصابع الى عدة الاف في نهاية التسعينات وكان هذا فقط في الولايات المتحدة ومن ثم الى بقية البلدان وان وأول صحيفة عولجت محتواها كاملا بالحاسوب في جامعة كارلينا الشمالية بالولايات المتحدة ابان الستينات من القرن الماضي حيث بدأت ظهور الصحافة الالكترونية على الانترنت في مايو / ايار 1992 واسمها (شيكاغو اون لاين ) على شبكة امريكا اون لاين وعلى الصعيد الصحافة العربية اعلنت الشرق الاوسط يوم 6 سبتمبر / ايلول 1995 عن وجود موادها الكترونيا للقراء على شكل صور وتلتها صحيفة النهار 1فبراير/شباط 1996 وبهدها صحيفتا الحياة والسفير في العام نفسه (1)

ويعتبر الانترنيت بفعالياته المختلفة اضافة جديدة لوسائل الاعلام وخلق ، حالة التفاعلية بين الرسل والمتلقي ، مما حفز الشرائح كافة التي تسعى الى كسب الجمهور لاستخدام شبكة الانترنيت كوسيلة لبث برامجها وأفلامها ونتاجاتها ، وأصبح من المهم معرفة جمهور ألانترنيت والسمات العامة لهذا الجمهور ، وامكانتية عودتهم مرة اخرى لذات ألمحتوى ونوع الجمهور ان كان مشاركا ام يسعى للمعرفة فقط ام جمهور خاملا . (2)


ولعل الانسان المعاصر قبل عقد واحد من الان ، كان يمكن ان يتوقع أي تطور ممكن في شكل تقديم الصحيفة او مضامينها او اساليب توزيعها ، لأنه اعتاد على التطوير ضمن هذه الحدود ، لكن احداً لم يكن ليتخيل ان الصحيفة المطبوعة على الورق التي رافقته مئات السنين يمكن ان تختفي خلال سنوات معدودة ، بعد ان بدأت تعيد حسابات نمطها التقليدي السائد امام ثورة الحاسوب والمعلوماتية غير المسبوقة في تاريخ التطور الانساني ، وبات امامنا شكل صحفي جديد نقرأ فيه الاخبار والمعلومات والآراء ونشاهد الصور ، ولكن عبر شاشة الحاسوب ومن خلال شبكة الانترنت بلا ورق ولا أحبار فيما بات يعرف اليوم بالصحافة الالكترونية .

 

ان الصحيفة الالكترونية التي يتزايد حضورها ويتسع كل يوم على صعيد العالم ، تفرض نمطاً مهنياً جديداً في كل شيء بدءاً من التحرير وانتهائاً بالوصول الى القارئ ورجع الصدى الصادر عنه ، وبرغم ان الصحف التقليدية ما زالت تتسيد الساحة المهنية وتشهد ذروة ازدهارها منذ ظهور اول صحيفة قبل عدة قرون ، إلا ان كل ذلك لا يمنع التساؤل الملح حول امكانية الصحف التقليدية المطبوعة على الصمود في وجه الصحافة الالكترونية التي تبدو اكثر قدرة على التعبير عن متطلبات المستقبل وإمكانياته ، وما ان كنا سنشهد في هذا الجيل نهاية عصر الصحيفة التي عاشت معنا مئات السنين .


 

وقد شجع انتشار تقنية الانترنت والحاسوب ورخص اثمانها وسهولة استخدامها الصحف على إصدار نسخها الالكترونية وذلك لتحقيق فوائد عدة ، فهي من ناحية تستخدم للترويج والإعلان لطبعتها الورقية ، وهي من ناحية ثانية تحتفظ بقرائها ( المتسربين ) الى الوسائل الاخرى وهي  تضمن آفاقاً جديدة للتوزيع والانتشار تتجاوز المتاح لطبعاتها الورقية بسبب قيود الرقابة والنقل والإمكانات المالية .
لكن ادارات الصحف سرعان ما وجدت أن النسخة الالكترونية المشابهة للطبعة الورقية لم تعد تلبي احتياجات القراء ، حيث ظهر أن 10% فقط من زوار موقع الصحيفة على شبكة الانترنيت يهتمون بموضوعات الطبعة الورقية ، فيما يبحث 90% عن معلومات جديدة "3" ، وهكذا بدأت الصحف بإنشاء ادارات تحرير خاصة لمواقعها الالكترونية تتولى تحرير صحيفة ( مختلفة ) بنسبة تتجاوز الـ 60% عن النسخة الورقية ، مستفيدة في ذلك من المزايا الكبيرة التي توفرها تقنية الانترنيت من حيث كمية المعلومات الممكن تقديمها ، والمساحة غير المحدودة للموقع الالكتروني ، وهي ميزة أنهت مشكلة المساحة التي تعتبر واحدة من أهم المشاكل الفنية التي واجهتها الصحافة المطبوعة منذ نشوئها. "4"
وقد تمكنت هذه النسخ الصحفية الالكترونية من الحصول على مكانة خاصة لدى القراء نافست فيها الطبعة الورقية ، وبعد أن كانت تستخدم للإعلان لهذه الطبعة ، اصبحت الصحيفة المطبوعة تستخدم ايضاً للإعلان للنسخة الالكترونية .
ولاشك أن انتشار تقنية الانترنيت على نطاق عالمي أتاح مثل هذه الامكانية والأهمية للصحف الالكترونية ففي النرويج مثلاً دخل الانترنت الى أكثر من 60% من المنازل ، وأصبحت قراءة الصحيفة الالكترونية نمطاً شائعاً ويومياً الأمر الذي أثر بالطبع على الصحف التقليدية وأن كان هذا التأثير لم ينه أو يقلل من أهمية هذه الصحف الا بقدر ضئيل من أرقام التوزيع ، حيث تركز الاهتمام بهذه التقنية الجديدة على الشباب وخصوصاً بعمر (20 – 24) عاماً ، بينما احتفظ الاشخاص ذوي الاعمار الاكبر بعلاقتهم مع الصحف
الورقية التقليدية "5"
ويبدو أن الاهمية المتزايدة للصحافة الالكترونية شجعت على ظهور اتجاه ثاني من هذه الصحف يتمثل بمواقع اخبارية الكترونية ، تتخذ مظهر صحيفة متكاملة من حيث المضامين والتسمية ولكن تخضع للنمط الالكتروني في التبويب وعرض الموضوعات وأسلوب التحرير ، وهي صحف الكترونية مخصصة لا علاقة لها بأية صحيفة ورقية وقد نشأت في بيئة الانترنيت أو ما يسمى اليوم بـ ( الفضاء التفاعلي   .(Interactive space) وحققت نجاحاً كبيراً حتى أن نجاحها شجع بعضاً منها على الخوض في عالم النشر التقليدي الورقي فيمـا سـمي بـ (الهجـرة المعاكسة) مثـــل مجلة (Wired) المختصة بالتقنيات التي بدأت الكترونية محضة ثم أصدرت بعد ذلـك طبعـة ورقية. "6"
ويعمل هذا النمط من الصحف الالكترونية على شكل بوابات شاملة ( Portals ) ، تقدم خدماتها من الاخبار على مدار الساعة بالاعتماد على وكالات الانباء أو شبكة المراسلين ، كما أنها تنشر في كل عدد يومي من اعدادها مقالات مختلفة مكتوبة خصيصاً للصحيفة أو مشتراة من صحف ومجلات أخرى "7" ، وهذا النوع من الصحف يختلف عن المواقع الاخبارية في أنه يحمل ترويسة تتضمن أسم الصحيفة وتاريخ الاصدار ، لكنه لا يتضمن اسم رئيس التحرير ( في اغلب الاحيان ) ولا مرجعية الصحيفة أو هويتها .
وتتضمن الصفحة الاولى التي تكون بحجم شاشة الحاسوب بالإضافة الى الترويسة عموداً الى اليمين في الصحف العربية والى اليسار باللغات الاجنبية يضم الزوايا المختلفة في العدد مثل : الاخبار ، العالم ، الوطن العربي ، علوم ، صحة وطب ، مقالات ، تحقيقات ، … الخ ، كما يتضمن وسط الصفحة موضوعاً مميزاً حظي بهذا الموقع في ذلك اليوم ، أمـا في يسـار الصفحة ( أو يمينها ) فهناك محاورات مع المستخدم مثل دعوته الى تسجيل موقعه ، وابرز الموضوعات المقروءة في العدد السابق أو أعمدة أعلانية … الخ .
وبتحريك سهم ( الموس ) على أي عنوان للزوايا تظهر خلال ثوان الصفحة الاولى من تلك الزاوية التي تتضمن ايضاً يجري اختيار الموضوع المعني الذي يظهر خلال ثوان مفصلاً مع صور أو بدونها .
ومما يمكن ملاحظته في هذه الصحف أنها غير محددة بحجم أو نهايات واضحة وأن تصفحها يستغرق زمناً طويلاً لسعة موضوعاتها .. علماً أن مقالاتها تكرر على مدى عدة أيام وكذلك بعض الموضوعات الثابتة ، في حين تتغير الاخبار على مدار اليوم .
ويتضمن أي من اعداد هذه الصحيفة صوراً ثابتة ومتحركة على طريقة الاعلانات المتحركة وليس على وفق نظام الفيديو الذي مازال معقد تقنياً .

  ومـــــــــــن سمــــــــــــــات الصـــــــــــــــــحافـــــــــــــــة الإلكترونيــــــــــــــــة :

1- حققت هذه الصحافة امكانيات النقل الفوري للخبر ، ومتابعة تطوراته ، وتعديل نصوصه في أي وقت دون انتظار حلول اليوم التالي ، وبذلك أنهت هذه التقنية واحداً من أبرز ثغرات الصحافة التقليدية في منافستها للراديو والتلفزيون ، بل أن الصحف الالكترونية باتت تنافس هاتين الوسيلتين في عنصر الفورية الذي احتكرتاه ، وبدأت تسبق حتى القنوات الفضائية التي تبث الاخبار في مواعيد ثابتة ، فيما يجري نشر بعض الاخبار في الصحف الالكترونية بعد أقل من 30 ثانية من وقوع الحدث. "8"
2- تمكنت الصحف من التنقل عبر الحدود والقارات والدول دون رقابة أو موانع أو رسوم ، بل وبشكل فوري ، ورخيص التكاليف ، وذلك عبر الانترنيت ."9"
 3- يتطلب البث الالكتروني للصحف عبر شبكة الانترنيت امكانيات مالية أقل بكثير مما هو مطلوب لإصدار صحيفة ورقية ، فالصحف الالكترونية ستستغني عن الاموال التي يحتاجها توفير المباني والمطابع والورق ومستلزمات الطباعة ، ناهيك عن متطلبات التوزيع والتسويق ، والعدد الكبير من الموظفين والمحررين والعمال . "10"   
4- برغم قلة التكاليف ، غير أن الصحافة الالكترونية تواجه كأي مشروع آخر مشاكل التمويل ، فضلاً عن متطلبات الربح ، فهي لإتباع كالصحف التقليدية ، كما أن استحصال بدل اشتراك شهري من المستخدمين بات يحد من انتشارها وخصوصاً مع اتساع دائرة المنافسة بين هذا النوع من الصحف على موقع الانترنيت ، ولذلك لجأت الصحف الى التمويل من خلال الاعلانات سواء المبوبة أو التي تكون داخل كادران الكترونية مستلهمة من اشكال اعلانات الصحافة المطبوعة "11"   
5- توفر تقنية الصحافة الالكترونية أمكانية تسجيل اعداد قراء الصحيفة ،حيث يقوم كل موقع على الشبكة بالتسجيل التلقائي لكل زائر جديد يومياً ، وهناك بعض البرامج تسجل أسم وعنوان أي زائر. "12"

6- أحدثت تقنيات الصحافة الالكترونية تطوراً جوهرياً في ميدان الصحافة ، حيث منحت عملية رجع الصدى ( Feed Back ) إمكانيات حقيقة لم تكن متوفرة من قبل بوسائل الاعلام ، وخصوصاً بالنسبة للصحافة ،وبات يمكن الحديث عن تفاعل بين الصحف والقراء بعد أن ظلت العلاقة محدودة وهامشية طيلة عمر الصحافة الورقية و تحول العملية الاتصالية الى عملية تبادلية بين المرسل والمستقبـــل بمعــنى أن الاتصــــــال سيتــحقق عــبر اتجاهــين ( Two way Communication ) حيث يتحقق التفاعل بين طرفي العملية الاتصالية وسيعلو دور المستقبل في هذه الحالة ليس فقط الى الدرجة التي يستطيع معها أن يطلب المزيد من المعلومات ، بل سيصل الامر الى تحول المرسل العادي الى منتج للمادة الاعلامية. "13"
 7- والصحافة الالكترونية توفر أيضاً فرصة حفظ أرشيف الكتروني سهل الاسترجاع غزير المادة ، حيث يستطيع الزائر أو المستخدم أن ينقب عن تفاصيل حدث ما أو يعود الى مقالات قديمة بسرعة قياسية بمجرد أن يذكر أسم الموضوع الذي يريد ليقوم باحث الكتروني بتزويده خلال ثواني بقائمة تتضمن كل مانشر حول هـذا الموضوع في الموقع المعين ، في فترة معينة ."14"

8- فرضت الصحافة الالكترونية واقعاً مهنياً جديداً فيما يتعلق بالصحفيين وإمكانياتهم وشروط عملهم ، فقد اصبح المطلوب من الصحفي المعاصر أن يكون ملماً بالإمكانيات التقنية وبشروط الكتابة للانترنيت وللصحافة الالكترونية كوسيلة تجمع بين نمط الصحافة ونمط التلفزيون المرئي ونمط الحاسوب ، وأن يضع في اعتباره ايضاً عالمية هذه الوسيلة وسعة انتشارها التي تفرض هنا اعتبارات تتجاوز المهني الى الاخلاقي في تحديد المضامين وطريقة عرضها ويبدو أن الافتقار الى اشخاص لديهم مهارات خاصة بالصحافة الالكترونية ."15"

الصحافة الالكترونية في الوطن العربي :


يرتبط انتشار الصحافة الالكترونية بنمو ظاهرة الانترنيت ووصولها الى اكبر عدد من المستخدمين في اماكن العمل والمنازل والمراكز الخاصة بالانترنت ، وهو الامر الذي يفسر اسباب انتشار الصحافة الالكترونية في البلدان الغنية قبل الدول الاخرى وخصوصاً في الولايات المتحدة التي يشترك 70% من سكانها بشبكة الانترنيت .
وفي الوطن العربي لم تحظ التقنيات الحديثة حتى الان بالسعة التي تجعل من الصحافة الالكترونية ظاهرة ملموسة ومؤثرة ، حتى مع وجود العديد من المواقع الالكترونية الصحفية أو الشاملة مثل الشبكة العربية ( ارابيا اون لاين ) ،          ( بلانيت ارابيا ) ، (نسيــج) ، (البوابة ) ، ( مكتوب ) ، ( أين ) ، (اراب فيستا ) ، ( محيط ) ومواقع شاملة أو متخصصة أخرى.  
وتشير التقديرات الى أن عدد مستخدمي الانترنيت في الوطن العربي بلغ حوالي مليوني شخص مع نهاية العام 1999 وأن هذا الرقم مرشح لان يصل الى 12 مليون مع نهاية عام 2004.   ، وهو رقم يبقى ضئيلاً وهامشياً أذا ماقورن بعدد سكان الوطن العربي البالغ أكثر من 300 مليون نسمة ، أي ان 3% فقط من العرب سيحصلون على خدمة الانترنيت بحلول ذلك التاريخ .
وتسهم عوامل عديدة في عرقلة الانتشار السريع لتقنية الانترنت في الوطن العربي ناهيك عن التفاوت الحاد في توزيع المتوفر منه في الاقطار العربية ، ويعود ذلك اساساً الى سوء البنية التحتية للاتصالات في اغلب الاقطار العربية ، وبطء عملية التنمية وسوء الادارة التقنية بشكل عام ، الى جانب الانتشار الواسع للامية الابجدية التي تبلغ بحدود 40 % من المواطنين العرب
ويقود هذا النمط المختل لانتشار تقنية الانترنيت في الوطن العربي ، ونصيبه المحدود جداً من حجم الانتشار العالمي لهذه التقنية بشكل تلقائي الى محدودية انتشار الصحف الالكترونية فيه ناهيك عن تطورها ومنافستها للصحافة الورقية ، وتشير التقديرات الى أنه بحلول عام 2005 سيبلغ عدد مستخدمي الانترنيت في العالم نحو الف مليون مستخدم  ، نصيب العرب منه حوالي 1% فقط وهي نسبة لايمكن أن تقود الى أي توقعات مستقبلية بأنتشار الصحافة الالكترونية على المستوى الشعبي .
لكن ذلك لايلغي حقيقة وجود صحافة الكترونية عربية الان بنمطيها ، حيث أسست معظم الصحف العربية اليومية والاسبوعية مواقع لها على الشبكة ، وفيها مواقع ذات اهمية معلوماتية شاملة مثل مواقع الصحف ( البيان ، الاهرام ، الحياة ، الشرق الاوسط ، … الخ ) ، غير أن معظم الصحف العربية تكتفي اما ببث مضامينها المنشورة في الطبعة الورقية ، أو أنها تكتفي بوضع نصوص مختارة من هذه الطبعة على مواقعها الالكترونية دون أن تؤسس اقساماً أو ادارات تحرير مستقلة للنسخة الالكترونية كما فعلت صحف عالمية عديدة ، وكثير من هذه الصحف تستخدم تقنيات بدائية ، أذ لاتوجد اليات متقدمة للبحث في الارشيف ، ولم يتطور نظام الاعلان الالكتروني فيها ، الى جانب خلو معظم مواقع الصحف العربية من الخدمات كالاعلانات المبوبة وأسعار العملات والاسهم وحالة الطقس وومساحات الحوار وغير ذلك مما يوفره الانترنيت.  


وربما لاتشجع محدودية مستخدمي المواقع غالبية الصحف على المنافسة أو استثمار اموالها في تعزيز وتطوير مواقعها على الشبكة لانها لاتنتظر عائدات مجزية ، لكن هذه الحقيقة لاتمنع القول أن النسخ الالكترونية لبعض الصحف العربية تميزت بتقديم كماً جيداً من المعلومات وخدمات ارشيف جيدة للمستخدمين مثل موقع جريدة البيان .


أما الصحف الالكترونية المنشورة عبر الانترنيت فقط فقد بدأ اصدارها في مطلع العام 2000 بصدور صحيفة ( الجريدة ) في أبو ظبي في الاول من كانون الثاني من ذلك العام ، وصدرت بعدها عدة صحف الكترونية اخرى ، من أهمها : اتجاهات ( السعودية ) ، باب وبوابة ( الاردن ) اسلام اون لاين ( مصر ) ، لكن عدد هذه الصحف يبقى محدوداً وبعضها مجرد مواقع اخبارية أكثر من كونها صحفاً بالمعنى الذي استقر للصحف الالكترونية .
وبرغم أن الصحف المحدودة التي برزت من بين الصحف الالكترونية العربية تسعى الى تقديم خدمات على نفس النمط الذي عرف عالمياً ، وتشهد تطورات وتحديثات مستمرة الا أن تجربة هذه الصحافة في الوطن العربي تعترضها بعض المصاعب أو الاخفاقات .


ومن بينها:

1- قلة المستخدمين العرب بسبب ماأشرنا اليه من محدودية انتشار تقنية الانترنيت وتوزيعه غير المتكافئ في الوطن العربي .
2- نقص العاملين من صحفيين ومهنيين و تقنيين ذوو صلة بمهنة الصحافة ويتقنون في الوقت ذاته مهارة اصدار الصحيفة على الانترنيت من الناحيتين التحريرية والتقنية .
3- النشر التلقائي للخبر الوارد من وكالات الانباء أو من المصادر الاخرى دون تمحيص بمضامين الخبر التي قد تكون غير دقيقة أو غير منسجمة مع الرؤية العربية للاحداث والقضايا المختلفة وهو أمر يعو الى امكانيات البث السريع عبر الانترنيت .
4- عدم الدقة في ذكر أسماء المواقع والاماكن والوقائع احيانا . 
5-  حجم الاعلانات في الصحف الالكترونية العربية قليل جداً ولا يدر بالتالي موارد تتلاءم مع احتياجات هذه الصحف المالية لاغراض التشغيل والتقنيات واجور العاملين والكتاب وحجز المواقع على الإنترنيت .


واذا كان هذا البحث قد قدم معطيات عديدة تتعلق بواقع تقنية الانترنيت كوسيط للصحف الالكترونية ، فأن من بين ما يمكن الخروج به حقيقة ان هذا الوسيط ما زال في واقع الامر نخبوي الانتشار سواء على مستوى الدول او الجماعات او الافراد ، وان الاحصاءات المستقبلية لا تتوقع ان يغطي الانترنيت كافة ارجاء الارض في المدى القريب ، لأنه بالأساس تقنية غير ممكنة الا من خلال وجود بنى تحتية في المجتمعات المعنية ، وخصوصاً في ميادين الاتصالات و الكهرباء والمرافق الخدمية الاخرى ، ومثل هذه البنى ما زالت متهاوية ومتخلفة في معظم دول العالم الثالث هذا فضلاً عن ان هناك اولويات عديدة في هذه الدول تسبق الانغماس في استيراد التقنيات فعلى سبيل المثال يشكل توفير المقاعد الدراسية للطلبة بل وتوفير بناء لائق للمدارس امراً اكثر اهمية بالتأكيد من تدريس الحاسوب فيها .
وحتى في حالة الدول المتقدمة ، فأن هناك بعض المؤشرات تتحدث عن الشكوك في امكانية الانترنيت بإحداث ثورة في عالم الاقتصاد والمعرفة وبالطبع الاعلام ، فالكثير من الشركات القائمة على الانترنيت بدأت تعلن افلاسها ، وتوقف الارتفاع الجنوني لأسعار اسهم شركات التكنولوجيا ، ولم تحقق التجارة عبر الانترنيت اهدافها المتوقعة ، حيث انها لم تحقق في الولايات المتحدة وهي اكبر البلدان المستخدمة لهذه التقنية سوى واحد بالمائة فقط من اجمالي حجم تجارة التجزئة  
واذا كانت كل هذه الاراء مجرد مؤشرات متوقعة للمستقبل ، فأن من خلال هذا يمكن ان نصل الى نتيجة مفادها ان الصحافة الالكترونية لن تكون بديلاً لوسيلة اخرى ، وانها ستكون مجرد وسيلة جديدة تضاف الى الوسائل الاعلام الاخرى المعروفة .


لكن الصحافة بقيت وان كانت المنافسة مع الوسائل الجديدة قد حفزتها على التطور في الشكل والمضمون ، وهذا الحال سيتكرر مع الصحافة الالكترونية التي سيكون لها جمهورها والتي ستعمل هي ايضا على تحفيز الوسائل الاخرى ، وبناء علاقات جديدة مع جمهورها .



 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هوامـــش البــحث

1- الصحافة الالكترونية والتكنولوجيا الرقمية // عبد الرزاق محمد الدليمي-  عمان :دار الثقلفة 2011 ص64.

2- الدعية والاعلان والعلاقات العامة في المدونات الالكترونية /جاسم رمضان الهلالي.-عمان-دار النفائس للنشر والتوزيع 2012 ص188.
3- الإنترنت يقلب عالم الصحافة رأساً على عقب - الموقع الإلكتروني لجريدة البيان - 23 اكتوبر 1999 .
4- يشير مايكل جولدن النائب الاول لرئيس شركة نيويورك تايمز الى ان الصحيفة الالكترونية تتحلى بمزايا مختلفة تماماً عن الصحيفة المكتوبة ، فهي اولاً توفر كماً ضخماً من المعلومات وهي وان كانت موجهة نظرياً الى العدد الاكبر من القراء مثل الصحيفة ، فأنها توفر فرصاً للوصول الى مجالات شديدة التخصص وتعني مجموعات محددة من القراء وفيما يتعلق بموضوع المساحة يلاحظ لورنزميير رئيس تحرير موقع أسبوعية ( دير شبيغل ) على الانترنت انه في حين تشكل المساحة مشكلة اساسية بالنسبة للصحيفة المكتوبة تقدم الانترنت فضاء بلا حدود . راجع لهذا الخصوص المصدر السابق .
5- معلومات ذكرتها السيدة أريكاجار مديرية معهد الصحافة في النرويج خلال إيجاز قدمته في نقابة الصحفيين العراقيين حول الوضع الصحفي في النرويج بتاريخ 10 شباط 2002 .
6- اسامة محمود شريف - مستقبل الصحيفة المطبوعة والصحيفة الالكترونية - من بحوث الندوة العلمية للمؤتمر العام التاسع لاتحاد الصحفيين العرب - عمان - تشرين اول عام 2000 ص69 .
7- المصدر السابق - ص 72 .
8- محمد جبر رئيس تحرير صحيفة ( الجريدة ) الالكترونية الصادرة في الامارات العربية المتحدة - مقابلة شخصية مع الباحث عبر البريد الالكتروني بتاريخ 4 كانون الثاني عام 2002 .
9- محمد عارف - تأثير تكنولوجيا الفضاء والكومبيوتر على أجهزة الإعلام العربية - مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية - ابو ظبي - 1997 ص13
10- محمد جبر - مصدر سابق ، وانظر كذلك جبران كرم - مصدر سابق - ص31 .
11- د. مي العبد الله سنو - مصدر سابق - ص84 .
12-محمد عارف - مصدر سابق - ص14 .
13- د. محمود خليل - الصحافة الالكترونية : اسس بناء الانظمة التطبيقية في التحرير الصحفي - العربي للنشر والتوزيع - القاهرة - 1997 - ص33 .
14- فرانك كيلش - مصدر سابق - ص407 .
15- كارول ليتش - كتابة الاخبار والتقارير الصحفية : عرض شامل لفنون الصحافة المتخصصة - منهج تطبيقي - ترجمة : د. عبد الستار جواد - مخطوطة معده للنشر - 2002 - ص 763

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق